مثل المدون الصحراوي والمعتقل السياسي، محمد البمباري، في حدود الساعة 11 وَ20 دقيقة صباحا من يوم الثلاثاء (12 يناير 2016) أمام هيئة المحكمة بغرفة الجنايات قضاء الدرجة الثانية بمحكمة الاستئناف بمدينة العيون المحتلة، مؤازرا من طرف الأستاذين: لحبيب الرگيبي ومحمد أبو خالد، عن هيئة المحاماة بمدينة أگادير المغربية.

كما حضر المحامي الاسباني، مايور خابيير (Mallor Javier) ومجموعة من المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان والمدونين، كمراقبين لهذه المحاكمة السياسية، حسب تقرير لتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان (كوديسا).

وأضاف التقرير الذي توصل موقع "الصحراوي" بنسخة منه أن المدون الصحراوي والمعتقل السياسي، محمد البمباري، البالغ من العمر 46 سنة ولج قاعة الجلسات بالمحكمة المذكورة، وهو مضرب عن الطعام لمدة تجاوزت 27 يوما بالسجن المحلي بمدينة العيون المحتلة، يرتدي الزي الصحراوي ويردد شعارات مطالبة بالحرية والاستقلال، من قبيل: "لا بديل، لا بديل عن تقرير المصير"، و"لا، لا للحكم الذاتي، استقلال الصحراء حتما آتي". 

ورددت مجموعة من النساء الصحراويات هذه الشعارات مع المدون والمعتقل السياسي الصحراوي المذكور من داخل قاعة الجلسات بشكل أثار رئيس هيئة المحكمة ومجموعة من عناصر الشرطة بزيهم الرسمي والمدني.

وأضاف التقرير أنه بعد أن قام رئيس هيئة المحكمة من التأكد من هوية محمد المباري، وجه له التهم التالية:
ــ جناية تكوين عصابة إجرامية.
ــ جناية المشاركة في القتل العمد.
ــ عرقلة الطريق العام بوضع أشياء تعطل مرور الناقلات.
ــ المساهمة في مشاجرة ارتكب خلالها عنف أفضى إلى الموت.
ــ العنف ضد موظفين عموميين وتخريب أشياء مخصصة للمنفعة العامة. 
طبقا للفصول: 293 و294 و392 و267 و129 و591 و271 و595 من القانون الجنائي المغربي.

وقبل أن يقوم رئيس هيئة المحكمة باستنطاق المعتقل، محمد البمباري، تقدمت هيئة الدفاع بملتمسين:
ــ الملتمس الأول: يدعو إلى طلب تأخير أو تأجيل هيئة المحكمة مناقشة الملف من أجل الاستعداد الجيد في الاطلاع على الملف وإعداد هيئة الدفاع.
ــ الملتمس الثاني: يرمي إلى استدعاء مجموعة من المصرحين كشهود، والذين اعتمدت هيئة المحكمة بالغرفة الجنائية قضاء الدرجة الأولى أسماءهم وتصريحاتهم كمساطر مرجعية لمحاكمة المعتقل الصحراوي، محمد البمباري.

وأشارت هيئة المحكمة أن هؤلاء المصرحين توبعوا جميعا على خلفية المظاهرات التي عاشتها مدينة الداخلة المحتلة في الفترة الممتدة من تاريخ 25 إلى 27 سبتمبر 2011، وأنه في حالة ما إذا وجدت النيابة العامة صعوبة في استدعائهم نتيجة نقص في عناوينهم، فإن الدفاع مستعد لإحضارهم جميعا، مع التأكيد على أن حضور الشهود سيساعد المحكمة إلى الوصول إلى الحقيقة واستجلاء الظروف الكاملة المحيطة بالنازلة.

وقام الدفاع بالموازاة مع ذلك بالإدلاء بلائحة تضم مجموعة من المعتقلين السياسيين الصحراويين، الذين سبق وأن مثلوا أمام هيئة المحكمة ابتدائيا واستئنافيا بغرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالعيون المحتلة، ويتعلق الأمر بكل من: المحجوب أولاد الشيخ، محمد مانولو، عبد العزيز براي، كمال الطريح وعبد العزيز براي.

وأعطى رئيس هيئة المحكمة الكلمة لممثل النيابة العامة، الذي رفض استدعاء الشهود أو المصرحين ورفض كذلك تأخير مناقشة ملف المتابعة، معتبرا بأن هذا الملف جاهز للمناقشة.

واعتبر رئيس هيئة المحكمة هو الآخر ملف المتابعة جاهزا وأمر هيئة الدفاع بمناقشة القضية في جلسة اليوم.

وعند مباشرة رئيس المحكمة استنطاق المدون الصحراوي والمعتقل السياسي، محمد البمباري، أثارت هيئة الدفاع دفعات شكلية بناء على الفصل 323 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، والتي جاءت على الشكل التالي:
+ خرق مقتضيات المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية، المتعلقة بانعدام حالة التلبس بعد أن تعرض المعتقل، محمد البمباري، للاعتقال بداية شهر سبتمبر 2015 بمدينة الداخلة المحتلة، حيث كان يتجول بحرية لمدة فاقت 04 سنوات دون أن يتعرض للتوقيف أو المساءلة، ذلك أن متابعته قضائيا كانت بناء على وقائع يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة ما بين 25 و27 سبتمبر 2011.
+ خرق الفصل 23 من الدستور المغربي، الذي يقر بأنه "لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة.
لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، نحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية.
ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد يعاقب عليها القانون".

وأكد الدفاع في هذا الإطار أن المعتقل، محمد البمباري، قد تعرض للعنف والتعذيب وصرح بذلك أمام قاضي التحقيق وهيئة المحكمة الابتدائية من أجل إرغامه تحت الضغط والإكراه على توقيع محاضر الضابطة القضائية.
+ خرق المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية التي تقول في جزء منها: " يتعين على الوكيل العام للملك إذا طلب منه إجراء فحص طبي أو عاين بنفسه آثارا تبرر ذلك أن يخضع المشتبه فيه لذلك الفحص".
+ خرق المواد 365 و366 و370 من قانون المسطرة الجنائية فيما يتعلق بمحضر النطق بالحكم الذي جاء متناقضا في أجزاء منه وجاء فيه النطق بالحكم في حق شخص يدعى، عادل بوصوفة، وليس في حق محمد البمباري.

والتمست هيئة الدفاع من رئيس هيئة المحكمة القبول بالدفعات الشكلية المثارة، وذلك بالإقرار بـ:
+ بطلان محاضر الضابطة القضائية.
+ بطلان محضر النطق بالحكم.
+ متابعة المعتقل في حالة سراح.
+ الاكتفاء بما سيروج من أقوال وتصريحات للمعتقل أمام هيئة المحكمة.

وتدخل رئيس هيئة المحكمة ليمنح الكلمة لممثل النيابة العامة في إطار التعقيب، الذي التمس رد الدفعات الشكلية، مؤكدا أن اسم "عادل بوصوفة " ورد في محضر النطق بالحكم خطأ، مدليا بحكم قضائي صادر بتاريخ 21 ديسمبر 2015 عن غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف، تم من خلاله تصحيح النطق بالحكم الصادر في حق المدون الصحراوي والمعتقل السياسي، محمد البمباري، والمحدد في 12 سنة سجنا نافذا.

وتدخل رئيس المحكمة مرة أخرى، معلنا عن ضم الدفعات الشكلية إلى الجوهر عند مناقشة الأحكام في المداولة بعد الانتهاء من مناقشة وقائع المتابعة.

ومباشرة بعد ذلك أعطى رئيس هيئة المحكمة الفرصة للمدون الصحراوي و المعتقل السياسي، محمد البمباري، بعد أن أخذ يتلو عليه التهم وبعض التصريحات المنسوبة إليه، حيث أكد البمباري لرئيس المحكمة أنه لم يصرح بأي شيء للضابطة القضائية، نافيا جميع التهم المنسوبة إليه جملة وتفصيلا.

وتدخل ممثل النيابة العامة مرة أخرى، مؤكدا الأحكام الابتدائية الصادرة في حق المدون والمعتقل السياسي، محمد البمباري.

وفي مرافعة هيئة الدفاع في الموضوع، تم التأكيد على أن محمد البمباري، قد أنكر كل التهم المنسوبة إليه أمام قاضي التحقيق وأمام الغرفة الجنائية ابتدائيا واستئنافيا، معتبرا أن التصريحات منسوبة إليه ولم تصدر عنه بالمطلق، وأن التوقيع على محاضر الضابطة القضائية قد تم تحت الضغط والإكراه.

ووقف الدفاع على أن وقائع هذا الملف تعود إلى تاريخ 25 و27 من شهر سبتمبر 2011، والذي حوكم على إثرها مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين الصحراويين تراوحت فيها الأحكام ما بين 03 سنوات و06 أشهر سجنا نافذا.

وعلق الدفاع على أن هذه المحاكمات اكتست طابعا سياسيا، مؤكدا على أن محاكمة محمد البمباري، لا تخرج عن هذه الزاوية، مدليا بصور لهذا المعتقل مع مدافعين عن حقوق الإنسان محليين ودوليين تؤكد بأن المعتقل تم اعتقاله ومحاكمته بأقصى العقوبات نتيجة موقفه السياسي من قضية الصحراء الغربية ونشاطه كمدون لمختلف المظاهرات وتدخلات قوات المغربية ضد المتظاهرين الصحراويين المطالبين بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.

وعبر الدفاع عن استغرابه بإصدار حكم ابتدائي بغرفة الجنايات مدته 12 سنة سجنا نافذا في حق المعتقل، محمد البمباري، الذي تم اعتقاله ومتابعته قضائيا بناء على مساطر مرجعية تعود وقائعها إلى أواخر شهر سبتمبر 2011، حيث أصدرت هيئة المحكمة بغرفة الجنايات أحكاما ابتدائية واستئنافية تراوحت في مجملها ما بين 03 سنوات و06 أشهر سجنا نافذا، في حين يتم الحكم بـ12 سنة سجنا نافذا على المعتقل، محمد البمباري، وما أبعد 03 سنوات سجنا نافذا من 12 سنة سجنا نافذا ـ يعلق الدفاع ـ.

ومن هذا المنطلق ـ يقول الدفاع ـ جاء طلب ملتمس لهيئة المحكمة من أجل استدعاء المعتقلين السابقين في هذا الملف للإدلاء بشهاداتهم.

وبما أن هيئة المحكمة ـ يقول الدفاع ـ رفضت استدعاء المصرحين أو الشهود، فإن الدفاع يكتف بالإدلاء بنسخ من محاضر النطق بالحكم تتعلق بالمعتقلين لسياسيين الصحراويين السابقين: المحجوب أولاد الشيخ،  كمال الطريح، محمد مانولو، بارك الله الدلبوح وبالمعتقل السياسي الصحراوي السابق كذلك حسنة الوالي، المتوفى بتاريخ 28 أكتوبر 2014 بالمستشفى العسكري بالداخلة المحتلة.

كما وقف محاميي الدفاع على:
+ براءة المعتقل، محمد البمباري، من كل التهم المنسوبة إليه، مطالبين بالتصريح ببراءته، بناء على تصريحاته أمام قاضي التحقيق وأمام هيئتي المحكمة بغرفة الجنايات.
+ التأكيد على الدفعات الشكلية المثارة أمام هيئة المحكمة لهذه الجلسة.
+ العناصر التكوينية لتكوين عصابة إجرامية منعدمة ولا وجود لأي أدلة ملموسة من شأنها إدانة المعتقل، محمد البمباري.
+ المساطر المرجعية هي بدعة لا وجود لها أصلا في الفقه أو الاجتهادات القضائية. 
+ المعتقل محمد البمباري خلال الاحتفاظ به رهن الحراسة النظرية لم يطلع على المحضر ولم يتلى عليه، ووقع محضر الضابطة القضائية تحت الضغط والإكراه. 
ـ وجود تناقض جوهري في محضر النطق بالحكم الصادر في حق المعتقل، محمد البمباري، خاصة في الصفحة ما قبل الأخيرة وفي الصفحة الأخيرة وهو ما يعد خرقا وجب معه الحكم ببطلانه حسب المادتين 366 و370 من قانون المسطرة الجنائية.

وفي حدود الساعة 11 و55 دقيقة رفع رئيس المحكمة الجلسة إلى المداولة بعد أن استمع إلى المعتقل، محمد البمباري، الذي تشبث ببراءته وبنفيه من جديد لكل التهم المنسوبة إليه.   

وبعد مضي أكثر من 06 ساعات من المداولة في الأحكام حول مختلف الملفات المدرجة للنقاش في هذا اليوم، وفي حدود الساعة 05 و30 دقيقة بعد الزوال بتاريخ 12 يناير 2016، أصدرت هيئة المحكمة بغرفة الجنايات قضاء الدرجة الثانية بمحكمة الاستئناف بالعيون المحتلة حكمها القاضي بالسجن النافذ لمدة 06 سنوات.

تبقى الإشارة أخيرا إلى أن المدون الصحراوي والمعتقل السياسي، محمد البمباري، العضو بالفريق الإعلامي الصحراوي، كان قد تعرض للاعتقال التعسفي بتاريخ 27 أغسطس 2015 بمقر مفوضية الشرطة المغربية بالداخلة المحتلة، أثناء محاولته تجديد بطاقة تعريفه المنتهية مدة صلاحيتها، وحوكم بتاريخ 04 نوفمبر 2015 بـ12 سنة سجنا نافذا من طرف هيئة المحكمة بغرفة الجنايات قضاء الدرجة الأولى بمحكمة الاستئناف بالعيون المحتلة، وخاض ــ حسب إفادة مقربين من عائلته لتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان ــ إضرابا مفتوحا عن الطعام بداية من تاريخ 15 ديسمبر 2015 ولا زال هذا الإضراب ــ و دائما حسب نفس المصدر ــ متواصلا حتى اليوم، احتجاجا على الحكم القاسي الصادر ضده وعلى الظروف المزرية التي يعاني منها داخل السجن المحلي بالمدينة المذكورة.

تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان
CODESA
العيون/ الصحراء الغربية؛ بتاريخ:  12 يناير 2016

الأرشيف

 
Top